ترك مجالس العلم في رمضان وحقيقة هدي السلف

عدد الزوار: 567

الحمد لمستحق الحمد وحده وبعد

يتداول بعض طلاب العلم والوعاظ في فاتحة شهر رمضان كل عام أن السلف كانوا إذا أقبل رمضان هجروا مجالس التحديث وتفرغوا للعبادة ، وهذا فوق كونه لم يثبت عن السلف بعامة وإنما نقل عن بعضهم واشتهر عن الزهري من التابعين ومالك من اتباعهم ولم يوثق بنقله عنهما بل قد روي عنهما خلافه وهو أيضا مخالف للسنة وللنظر الصحيح من وجوه :
الأول: أن وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم هي البلاغ وظرفه كل زمان فلم يتخلف عنه في رمضان ولا في غيره.
الثاني: أن قولهم رمضان شهر العبادة لا يخرج العلم أخذا وبذلا لأن أفضل العبادات بعد التوحيد وإقامة أركان الدين هو نشر العلم والدعوة إلى الله (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) أي لا أحسن.
الثالث: أن القاعدة أن العبادة المتعدية أفضل من القاصرة والعلم متعد والتفرغ للقرآن فقط قاصر.
الرابع : أنه لا تعارض بين كثرة العبادة وبذل العلم والجمع بينها في رمضان كما في غيره متيسر.
الخامس: أنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التعلم والتعليم يقعان في المرتبة الأولى في الخيرية كما في قوله:” خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.
السادس: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة قد كتبوا بدمائهم ملاحم جهادية رائعة في غير ما غزوة ومعركة، وفوق أن العلم ضرب من ضروب الجهاد كما قال تعالى:”وجاهدهم به جهادا كبيرا” ، فإن الجهاد بالنفس والمال يقعان في مرتبة متأخرة عن الجهاد بالقرآن زمنا وقدرا.
السادس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع العلم وبذله حتى في أقصى حالات تبتله وتنسكه في معتكفه في رمضان كما دل عليه حديث صفية حينما زارته في معتكفه وكذا حديث الخمرة بضم الخاء عن عائشة رضي الله عنهما وغير تلك من النصوص.
السابع: أن الدليل الخاص دل على عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم في رمضان كما في حديث ابن عباس المتفق عليه : “كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ” وهو دال على ما ذكرنا من وجهين:
أولهما : كثرة جوده بالخير ، والخير لفظ جامع يشمل العلم والمال والجاه بل إن حاجة الخلق للعلم أشد من حاجتهم إلى المال.
والآخر: المدارسة مع جبريل. ومدارسة العلم مدارسة للقرآن فبيانه في السنة وبيانهما في كلام أهل العلم قال تعالى: “:{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

لكن لابد هنا من القول بأن اعتزال فضول الكلام والمجالس والأكلات والمناسبات في رمضان متوجه في حق كل مسلم غير أنه في حق طالب العلم أقوم سبيلا بل من لم يكن كذلك فليس في قائمة طلاب العلم.
أسأل الله لي ولك التوفيق.

  • 0
  • 7
  • 74٬362

قناة الشيخ باليوتيوب

تابع قناة الشيخ على اليوتيوب