من كمال التوحيد وتحقيق: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ألا تطلب الدعاء من الغير: (وإذا سألت فاسأل الله).
وقد بايع الصحابة رضي الله عنهم رسول الله ﷺ على ألا يسألوا الناس شيئًا ففعلوا.
وأما حديث: (لا تنسنا يا أخي من دعائك) ففيه عاصم بن عبيد الله قال عنه البخاري: منكر الحديث، ولو صح فالمنة فيه لرسول الله ﷺ، وإنما أراد نفع عمر بأن يكثر الصلاة عليه؛ فإن من صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا.
وأما حديث أويس القرني وطلب عمر أن يستغفر له ففيه معنى خاص يقضي على العموم وهو تزكية النبي ﷺ، وكان في اختفائه في غبراء الناس تأييد لما ذكر ومصلحة له وللتوحيد.
وقد نبه على عموم النهي عن سؤال الغير مالًا أو دعاء شيخنا محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرحه لباب ما جاء في النهي عن المسألة من جامع الترمذي.
وكان شيخ الإسلام ذكر هذا في رده على البكري، وذكر أن النبي ﷺ قد نهى عن سؤال المخلوقين لغير ضرورة، ومدح من لم يسأل الناس شيئًا، وذكر حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ومنهم: «الذين لا يسترقون».
وذكر حديث: «من سأل الناس شيئًا وله ما يغنيه جاءت مسألته كدوشًا في وجهه يوم القيامة».
بل جعل المسألة أشد من تحريم الميتة فقال رحمه الله: سؤال الخلق والاستغاثة بهم حرام في الأصل، لا يباح إلا لضرورة، وهو في الأظهر أشد تحريمًا من الميتة.
وقد قال عز وجل: ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾[الشرح:8].
وكانت تلبية الصحابة: [لبيك لا شريك لك لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والرغباء إليك والعمل].
وقد وصف الله تعالى الفقراء الممدوحين بأنهم: ﴿لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾، وهذا عام في سؤالهم المال أو الدعاء.
وإذا كان هذا هدي الشريعة في منع طلب الدعاء من الغير فما بالك بمن يدعو الموتى من دون الله ويتوسل بهم.
وهذا المعنى يعتبر من مفاخر دعوة أهل السنة والجماعة في تجريدهم التوحيد وتحقيقه لرب العالمين، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾[البقرة:186].
وأما الدعاء لأخيك بظهر الغيب من دون مسألة فليس مما نحن فيه فهو مشروع، بل هو من صنيع الأنبياء: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا﴾[نوح:28].
وفي التحيات نقول: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).
صالح الشمراني – أم القرى – 18/6/1434هـ